
هناك إحصائيات تفيد بأن نسبة الفقر قد عرفت انخفاضا ملموسا بالمغرب . والملاحظ هو عكس ذلك خاصة وأنه منذ أن جثمت الحكومة الجديدة على رؤوس المواطنين ، وهي تنهج سياسة التفقير والزيادة من تأزيم وضعية الفقراء عن طريق العديد من الإجراءات والتصرفات التي لم تزد وضعية المواطنين إلا أزمة ومعاناة ، كارتفاع الأسعار والبطالة وانعدام فرص العمل وتردي الخدمات في قطاعات حساسة وهامة كالصحة والتعليم … وعدم إيجاد حلول موضوعية وجادة بالنسبة للمتضررين من الكوارث الطبيعية كمنكوبي زلزال الحوز الذين يذكرون انهم لم يتوصلوا بقدر الدعم الملكي الذي خصصه صاحب الجلالة لهم لإعادة تأهيل منازلهم المتضررة من الزلزال ، والذي يبلغ قدره 140000 درهم والتي لم يتوصلوا منها إلا بما قدره 80000 درهم متسائلين عن مصير البقية المتبقية من الهبة الملكية ، ليبقوا عالقين في وضعهم المزري الذي لازالوا يعانون منه ، من قساوة الطبيعة من رياح وثلوج وحرارة مفرطة ، وحرمان أطفالهم من التمدرس في اجواء ملائمة ومساعدة على التحصيل ، وانعدام البنية التحتية من طرق ومسالك ومرافق ضرورية كالمستوصفات لاستقبال المرضى والحوامل والحالات الاستعجالية … وحرمان هؤلاء ، ساكنة المغرب العميق ، من كل الوسائل والامكانيات التي تضمن لهم العيش الكريم ، ناهيك عن السياسة التي تنهجها الحكومة الحالية في جميع ربوع المملكة ، من هدم للمنازل ونزع للملكية ، تحت ذريعة المصلحة العامة ، وتشريد عدد كبير من الأسر بدعوى تفعيل برامج الدولة في مجال التنمية والاستعداد لاحتضان تظاهرات إقليمية ودولية ككأس إفريقيا وكأس العالم … ودخول المغرب في عهد جديد يتطلب مسايرة التطلعات وتحقيق الأهداف المنشودة ، قصد جعل المملكة في حلة تليق بها وبمكانتها المستقبلية والاستشرافية بين الدول والأمم ، الأمر الذي يتطلع إليه كل مواطن ويطمح بموازاة ذلك إلى تحسين وضعه المادي والمعنوي وتوسيع دائرة مكتسباته وحقوقه وإمكانيات عيشه الكريم ، الشيء الذي يغيب تماما في برامج الحكومة ونهجها لسياستها هذه ، المفتقرة تماما لنية إيجاد حلول جدرية ومناسبة لكل هؤلاء المتضررين ، مما سبق ذكره ، بالإضافة إلى قيامها بتحرير الملك العمومي ومطاردة الباعة المتجولين ومحاربة دور الصفيح ، وكل ما هو عشوائي من مخازن وفضاءات خاصة دون توفير البديل لهؤلاء المتضررين الذين شملتهم هذه الحملات التمشيطية والتطهيرية التي أخذتها السلطات المحلية على عاتقها بشراسة منقطعة النظير ، الأمر الذي تسبب في قطع أرزاق عدد لا يستهان به من المواطنين ممن كانوا يزاولون مهامهم وأعمالهم ويبحثون عن رزقهم في ظل ما يسمى بالبطالة المقنعة ، الأمر الذي وسع دائرة البطالة والفقر بين المواطنين وقلص من فرص الشغل ، ليصف المتضررون الذين شملتهم هذه العمليات المباغثة و الحملات التمشيطية بالقرارات التعسفية في حقهم وحق ممتلكاتهم التي يرون أنها ذهبت سدى ، ليجدوا أنفسهم يعيشون كمتسكعين في الشوارع والطرقات ، يفترشون الأرض تحت غطاء السماء ، وعرضة لكل أنواع التعرية والظواهر الطبيعية من رياح عاصفية وأمطار قوية وبرد قارس وشمس حارقة … بالإضافة إلى أنهم وممتلكاتهم أصبحوا لقمة سائغة في فم اللصوص والمحتالين والنصابين ، ووجدوا انفسهم أنهم خرجوا من فقر مدقع نحو مصير أكثر سوءا ، يفتح عليهم ابواب نار جهنم ، يموتون فيها ويحيون ويذوقون العذاب الأليم … ولا من مهتم لأمرهم .
فأيننا من واقعية إحصائيات مغلوطة وحقائق تمجد لتراجع نسبة الفقر في البلاد ، ونحن أمام هذا الواقع المر والبئيس ، الذي لا نرى فيه إلا ما يعبر عن عكس هذه الإحصائيات الكاذبة والمموهة للرأي العام بامتياز .
فكيف يمكن تقبل تراجع نسبة الفقر وعدد الفقراء بالمغرب من 4 مليون نسمة إلى 2,5 مليون نسمة حسب ما جاءت به الإحصائيات الأخيرة ؟ … وإن كان الأمر كذلك ، فالسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو “هل عدد الفقراء الذين تم إحصاؤهم بأنهم خرجوا من عتبة الفقر ، وهذا ما نتمناه ، قد انتقلوا نحو مستوى عيش أفضل ، أم أنهم قضوا نحبهم وانتقلوا إلى جوار ربهم فارين من كثرة معاناتهم مع الفقر التي تسببت لهم فيها هذه الحكومة المبجلة ؟” أم أن هؤلاء يدخل ضمنهم الشباب الذين غامروا بحياتهم للعبور إلى الضفة الأخرى ، هروبا من واقع مرير لاقوه بسبب السياسة الهجينة واللامسؤولة لمن وثقوا بهم وظنوا أنهم سيبذلون كل جهودهم لتحسين أوضاعهم وأوضاع البلاد التي لن تزيد إلا خرابا وهزولا بالنسبة للشعب ، واغتناءا واطمئنانا لهؤلاء المسؤولين عديمي المسؤولية ؟
فماذا لو لم تكن رعاية الله ورعاية جلالة الملك لهذه البلاد وشعبها الذي فقد كل الثقة في المسؤولين ، لا سامحهم الله ؟ … والله يلعن اللي ما يحشم !
إن كل هذا يفوق التصور ويؤكد أن سياسة الحكومة هي سياسة تمويه وكذب وبهتان و” زواق ونفاق ” ومزيد من العبث والتلاعب بمصير المواطنين ، لدرجة أن بعض المؤسسات الرسمية المعنية بتوظيف الشباب المغاربة ك” لاناپيك” مثلا ، تدعو الشباب وتشجعهم على العمل بشركات “الكابلاج” بأجرة شهرية زهيدة وقيمتها لا تفوق 2500 درهما كأجرة شهرية ، مما هو أقل بكثير من الحد الأدنى من الراتب الذي يحدده القانون … فأين هو “السميك” على الأقل الذي تحدده الدولة إذن؟ أليس هذا تشجيع لهذه المؤسسات الصناعية المعتمدة على الريع ، على تكريس اختراق القانون واستغلال المواطنين بطرق بشعة وغير قانونية ؟
بالإضافة إلى فضيحة “الفراقشية” التي هي عبارة عن تلك الشجرة التي تخفي غابة مليئة بالوحوش والغيلان ، التي يستهويها مص دماء المواطنين واستغلال الفرص للاغتناء السريع على حساب المواطنين بطرق غير مشروعة . الأمر الذي ألهب أسعار العديد من المواد الاستهلاكية كاللحوم مثلا ، وجعل ملك البلاد يسعى إلى حل هذا المشكل الاجتماعي والتضحية ببعض الشعائر الدينية التي تحتل في مجتمعنا مكانة كبيرة كأضحية عيد الأضخى ، وذلك تخفيفا على القدرة الشرائية للمواطنين وتشجيعا أيضا على نمو القطيع بالبلاد ، حتى لا يتعرض للنذرة والانقراض . والأمثلة في ذلك كثيرة ومتنوعة .
وهكذا يمكن أن نرجع أسباب كل هذه المشاكل إلى الفراغ السياسي الذي يعيشه المغرب في عهد الحكومة الحالية ، حكومة أخنوش ، والجزم في سعيها إلى خلق الفوضى والعبث القائمين ، بحيث أن عثراتها المتتالية بسبب عدم كفاءتها او المقصودة ، أضاع منها زمام الأمور وأدخل البلاد في كوكتيل متنوع من المشاكل ، نتجت عنها انفلاتات اقتصادية وسياسية وصحية وتربوية واجتماعية… ساهمت في تكريس أزمة خانقة على جميع الأصعدة ، ودفعت إلى خلق تباين طبقي جديد عمق الهوة بين فئات المجتمع بقوة ، فزاد من ثروة الغني وتحصين طرق اغتنائه ، وتشريع ذلك في غياب آليات المراقبة و المحاسبة و التمحيص في مصادر الثروات إن كانت مشروعة أو مشبوهة وغير مشروعة ، بالإضافة إلى امتناع العديد من الأحزاب السياسية عن تقديم لوائح جرد مصاريف الدعم الذي تلقته من الدولة لقيامها بدورها الموكول إليها ، ونفس الأمر بالنسبة للنقابات المغيبة تماما والتي لم تعد إلا صورية وشكلية … مما يجعلنا نسترجع المثل المغربي القائل “الفقيه اللي نتسناو براكتو دخل للجامع ببلغتو” ونزكي معناه ونجل قدر قائله ومن يتفهم معناه .
كما أنها مورست في حق المواطنين والطبقة الكادحة سياسة تعتمد على الزيادة من تفقير الفقير وإدخاله في دوامة لا يستطيع الخروج منها ، بسبب ما تم تسليطه عليه من العديد من التراكمات ، لإثقال كاهله والزيادة من الضغط عليه للاستسلام التام لسياسة أصحاب الوقت من أعضاء الحكومة والأغلبية اللقيطة والهجينة ، التي يبدو أنها وصلت إلى نقطة نهايتها ، إن شاء الله تعالى ، بعد أن انفضح أمرهم وظهرت حقيقة نواياهم في تضارب مصالحهم في تكريس سياسة الاغتناء على حساب الشعب الذي لم يعودوا يرون فيه ذلك المواطن صاحب الحق ، وإنما اتخذوه كزبون تفننوا في ابتزازه و فرض سلعهم ومنتوجاتهم عليه ، ومستهلك منزوع الحق في مناقشة أسعارها وأثمنتها وكميتها ونوعيتها وجودتها ومصدرها وأبسط الأمور المتعلقة بها …
بالإضافة إلى مشكل آخر يعتبر من أقوى أسباب تدهور الوضع بالبلاد مجانا وبلا فائدة ترجى منه ، هو أن الحكومة والبرلمان ورؤساء الجماعات والمسؤولين على اختلاف مناصبهم ومهامهم ومسؤولياتهم ، تصرف لهم أجور ورواتب خيالية ، وامتيازاتهم الكثيرة و المختلفة من أموال الشعب تثقل كاهل ميزانية الدولة ، لا لشيء إلا للقيام بخدمة هذا الشعب والوطن الذي تذهب أمواله وثرواته سدى وبدون جدوى أو فائدة تذكر ، إلا لحصاد المزيد من المشاكل والمعاناة في الحياة اليومية للمواطنين وفي جميع القطاعات والميادين ، سواء الاجتماعية أو الصحية أو التربوية أو الاقتصادية وهلم جرا … مما يستدعي ضرورة إعادة النظر في هؤلاء ، واعتماد ملك البلاد لأشخاص أكفاء ولديهم ضمير حي ويتصفون بالجدية والانسانية والوطنية الحقة والصادقة … وللحديث بقية …
Hi, this is a comment.
To get started with moderating, editing, and deleting comments, please visit the Comments screen in the dashboard.